الاسلام: وسطيه الاسلام والارهاب

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

وسطيه الاسلام والارهاب

المبحث الثالث: عن وسطيه الاسلام

المبحث الثالث تعريف الحوار وأهميته تعريف الحوار
الحوار في اللغة من الحور وهو : الرجوع عن الشيء إلى الشيء . [ اللسان 4 / 217 ] ويقصد به : المُراجعة في الكلام .
والجدال: من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه ، أطلق على من خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب ، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها .
وبين الجدال والحوار فرق ؛ فالحوار مراجعة الكلام وتبادله بين المتحاورين وصولاً إلى غاية مستنداً إلى أنه يجري بين صاحبين أو اثنين ليس بينهما صراع ، ومنه قوله تعالى: { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } [ الكهف: 37]
وأما الجدال فأكثر وروده في القرآن الكريم بالمعنى المذموم كقوله تعالى: { وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } [غافر: 5] وهذا الجدل حوار لا طائل من ورائه ولكن جاء الجدل أيضاً محموداً في مواضع كقوله تعالى: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [العنكبوت: 46] ، وقوله تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [النحل: 125]

فالجدال بالتي هي أحسن مرادف للحوار الإيجابي البناء ، ويجمع بين الحوار والجدال معنى تطارح الرأي والأخذ والرد وقد جمعهما قول الله تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } (المجادلة:1)
قال الدكتور صالح بن حميد : ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس: مناقشة بين طرفين أو أطراف ، يُقصد بها تصحيح كلامٍ ، وإظهار حجَّةٍ ، وإثبات حقٍ ، ودفع شبهةٍ ، وردُّ الفاسد من القول والرأي .
وقد يكون من الوسائل في ذلك: الطرق المنطقية والقياسات الجدليَّة من المقدّمات والمُسلَّمات ، مما هو مبسوط في كتب المنطق وعلم الكلام وآداب البحث والمناظرة وأصول الفقة . [ أصول الحوار ]
ولكي يكون التعريف جامعا يراعى فيه ثلاثة عناصر : الأول: أن يجمع بين خصمين متضادين . والثاني: أن يأتي كل خصم في نصرته لنفسه بأدلة ترفع شأنه وتعلي مقامه فوق خصمه . والثالث: أن تصاغ المعاني والمراجعات صوغاً لطيفا .

أهمية الحوار
يكتسب الحوار أهمية بالغة في منظومة الدعوة الإسلامية ، فهو أسلوب أصيل من أساليب الدعوة ومعلم بارز في منهجها الرشيد .
وللحوار دوره الكبير في تأصيل الموضوعية ورد الفكرة المغرضة كالفكرة القائلة إن الإسلام دين القهر ، وإنه انتشر بالسيف كما روجه أعداء الإسلام من ضلال المستشرقين والمنصّرين . وكيف يصح ذلك والإسلام دين الحوار وفي التنزيل الحكيم { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 256] .
فلو كان صحيحا أن الإسلام دين السيف لما كان للحوار معنى ، وقد حفل القرآن الكريم بعشرات النصوص حول الحوار تأمر به وتحض عليه وتنوه بقيمته وتقدم نماذج من حوارات الأنبياء والمرسلين ، وتقدم نماذج من الحوارات التي ينبغي أن يسلكها الدعاة إلى الله مع مختلف أصناف المدعوين من أهل الكتاب والمشركين والملاحدة ومنكري البعث وغيرهم .

والحوار قديم قدم البشرية فهو نابع من أعماق النفس البشرية ، ومما ورد في القرآن الكريم الحوار الذي كان بين آدم وزوجه حوار وهما في الجنة ، وكذلك ما أمر الله به الملائكة من السجود لآدم لما خلقه قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } إلى آخر الآيات من سورة [البقرة] .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق