الاسلام: وسطيه الاسلام والارهاب

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

وسطيه الاسلام والارهاب

المبحث الاول: فى وسطيه الاسلام

المبحث الأول تعريفات عامة تعريف : ( الإرهاب والعنف والتطرف )
الإرهاب في اللغة مشتق من مادة ( ر هـ ب ) ومعناه الخوف والفزع ، قال ابن منظور : رَهِبَ ، بالكسر ، يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً ، بالضم ، ورَهَبَاً ، بالتحريك ، أَي خافَ . ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه . . . . . وأَرْهَبَهه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه: أَخافَه وفَزَّعه [ لسان العرب 1 / 436] .
والعنف : الشدة والغلظة ، وهو عكس الرفق واللين [ اللسان 9 / 257 ] .
والتطرف : الأخذ بطرف الشيء أي منتهاه وغايته ، قال اللغويون : والمطرّف : الذي يأتي على أوائل الخيل فيردها عن آخرها . [ اللسان 9 / 217 ] فالتطرف يقصد به الغلو والمبالغة والتزمّت . وهذه الاصطلاحات الثلاثة متقاربة ( الإرهاب والعنف والتطرف ) .
يجمعها جامع الشذوذ والخروج عن حد الاعتدال . ونركّز في الحديث عن الإرهاب فهو الأكثر شيوعا في الاصطلاحات الإعلامية والسياسية والفكرية المعاصرة .
الإرهاب في الاصطلاح :

يبرز أولا في تعريف الإرهاب مشكلة بحثية ، لتعدد مفاهيمه وتباين مدلولاته ، فهو اصطلاح فيه غموض ثم هو غير دقيق ، ويرجع ذلك إلى الخلفية العقدية والتاريخية لمن يستعمل هذا الاصطلاح في خطابه ، وعلى سبيل المثال فالجهاد في سبيل الله لنشر الإسلام أو دفاعا عن الأرض والعرض أمر مشروع ، لكن أعداء الإسلام يرونه إرهابا !
فالإرهاب على هذا عند الجميع ( تخويف وترويع وبثٌ للفزعُ الرعب في قلوب الناس ) ، لكن المقاصد والأهداف والغايات هي التي تحدد مفهومه حميدا كان أو ذميما .

الإرهاب في القرآن الكريم
قال الراغب : الرهبة والرهب مخافة مع تحرز واضطراب [ المفردات ص 204 ( رهب ) ] .
ولقد وردت مادة ( رهب ) في القرآن الكريم (12) مرة ، وترجع إلى ثلاثة معانٍ رئيسة وهي :
المعنى الأول : الخوف والخشية من الله تعالى ، قال جل ذكره :
{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } [البقرة :40]
وقال : { وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } [الأعراف :154]
وقال تعالى : { وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } [النحل :51]
وقال تعالى : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [الأنبياء :90]

وقال تعالى : { اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } [القصص :32]
المعنى الثاني : الترهب بمعنى التعبد ومنه الراهب النصراني ومعنى الراهب الخائف أو الخاشع قال الراغب : الرهبانية غلو في تحمل التعبد من فرط الرهبة .
قال تعالى في النصارى : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } [ المائدة :82]
وقال : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [التوبة:31]

وقال : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة :34]
وقال تعالى : { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } [الحديد : 27]
المعنى الثالث : التخويف والترويع وبث الفزع والرعب :
قال تعالى في سحرة فرعون : { قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } [الأعراف : 116]

{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ } [الأنفال : 60]
وقال تعالى : { لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ } [الحشر : 13]

الإرهاب في اصطلاح الرأي العام
نختار من بين التعريفات الكثيرة ما ذكره د . سيار الجميل قال محددا الإرهاب: ( هو عملية أو مجموعة من العمليات مضادة للآخر وتقتص منه عشوائيا بعد أن يتم التخطيط للعمليات أو محاولات تنفيذها وبشكل منظم ودقيق من أجل كبح جماح الآخر ومعاقبته مهما كان الثمن وبوسائل غير مشروعة ) [جريدة الزمان 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2001 ص 13 ]


الإرهاب عند الغربيين
ينصب مدلول الارهاب عند الغربيين نحو كل عمل يتضمن مقاومة للفكر الغربي أو التدخل العسكري الغربي أو للنفوذ الغربي في بلاد المسلمين . والإرهاب بهذا المعنى اصطلاح يرد في كتابات الغربيين منذ قرنين ، فالحركات التحررية ضد الاستعمار إرهاب عندهم ، ورفض الهيمنة الغربية بما فيها العولمة إرهاب أيضا في قاموسهم ، وبرز هذا الاصطلاح أكثر بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة ، فأصبح المسلمون في أكثر الدوائر الإعلامية إرهابيين !! والمؤسسات الإسلامية الأكاديمية والإغاثية بل الأنظمة تدعم الإرهاب أو تغذيه وتسانده .
لقد ذهب مثقفو الإرهاب إلى أبعد حد عندما وجدوا أن القرآن الكريم هو أصل الإرهاب بما أنه يتضمن آيات في القتل والحرب . ونسي هؤلاء أن التوراة وكل الكتب الدينية قد تحدثت عن الصمود والمواجهة . لنتمعن في هذه الفقرة من كتاب التوراة وها هي ترجمتها التقريبية: يقدم لك إلهك ومولاك هذه الأوطان ويبث فيها الرعب حتى إبادتها ويقدم بين أيديك ملوكهم فتمحي أسماءهم من الوجود ولا أحد يقف صامدا أمامك حتى تقتلهم وتبيدهم والأمثلة على ذلك كثيرة .

ولنتمعن قليلا أيضا في هذه المقولة لمفكر ألماني (1848 Karl Heinzen ) ألف كتابا عن القتل هو عبارة عن نصائح متعددة في استعمال تقنيات التقتيل والمذابح والإبادة ضد الآخر أي ضد الشعوب المتوحشة تلك التي لم تدخل الحضارة الغربية قال فيه : إذا ما أجبرت على تدمير نصف قارة وعلى نشر حمام دماء لمحو البرابرة ، فلا يجب أن يوبخك ضميرك . إن الذي لا يضحي بحياته فرحا من أجل إبادة مليون من المتوحشين لا يعد مواطنا جمهوريا (نجد هذه المقولة في كتاب:
Jean رحمه اللهlaude رضي الله عنrusson, Le si cle rebelle, عز وجلictionnaire de la contestation au XXe si cle, Larousse, Paris 1999 ) . ولعله قد آن الأوان لإعادة النظر في كلمة إرهاب وتدقيقها حتى لا تكون أداة إيديولوجية نستعملها حسب ظروفنا وملابسات سياساتنا . ) [ عاطف الغمري : صحيفة الأهرام 27 / 8 / 2003م ]

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق